فصل: تفسير الآية رقم (39):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: التيسير في التفسير أو التفسير الكبير المشهور بـ «تفسير القشيري»



.تفسير الآيات (19- 20):

{مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ (19) بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَا يَبْغِيَانِ (20)}
{بَرْزَخٌ} أي حاجز بقدرته لئلا يغلب أحدهما الآخر، أراد به البحر العذب والبحر الملح. ويقال: لا يبغيان علىلناس ولا يغرقانهم.

.تفسير الآية رقم (22):

{يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ (22)}
الؤلؤ: كبار الدُرِّ، والمَرجان: صغار الدُّرِّ. ويقال: المرجان النَّسْلِ.
وفي الإشارة: خَلَقَ في القلوب بحرين: بحر الخوف وبحر الرجاء. ويقال القبض والبسط. وقيل الهيبة والأُنس. يُخرج منها اللؤلؤ والجواهر وهي الأحوال الصافية واللطائف المتوالية.
ويقال: البحران: إشارة إلى النفس والقلب، فالقلب هو البحر العَذْب والنفس هي البحر الملح.. فمن بحر القلب كلُّ جوهرٍ ثمين، وكلُّ حالة لطيفة.. ومن النفس كل خلق ذميم. والدرُّ من أحد البحرين يخرج، ومن الثاني لا يكون إلا التمساح مما لا قَدْرَ له من سواكن القلب. {بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لاَّ يَبْغِيَانِ}: يصون الحقُّ هذا عن هذا، فلا يَبْغي هذا على هذا.

.تفسير الآية رقم (24):

{وَلَهُ الْجَوَارِ الْمُنْشَآَتُ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلَامِ (24)}
{الجواري}: واحدها جارية، وهي السفينة.
{كَالأَعْلاَمِ}: الجبال. له هذه السفن التي أنشئت وخلقت في البحر كَأَنها الجبال العالية.

.تفسير الآية رقم (26):

{كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ (26)}
كل من على وجه الأرض في حكم الفناء من حيث الجواز. ومن حيث الخبر: «ستفنى الدنيا ومن عليها ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام» والوجه: صفة لله- سبحانه- لم يدلّ عليه العقل قطعاً ودلَّ عليه جَوازاً، وورد الخبر بكونه قطعاً.
ويقال: في بقاءِ الوجه بقاءُ الذات، لأن الصفة لا تقوم بنفسها، ولا محالة شَرطها قيامها بنفسه وذاته. وفائدة تخصيص الوجه بالذكر أن ما عداه يُعْرَفُ بالعقل، والوجه لا يُعْلَمُ بالعقل، وإنما يُعْرَفُ بالنقل والأخبار. ويبقى: وفي بقائه. سبحانه خَلَفٌ عن كلِّ تلفٍ، وتسليةٌ للمسلمين عمَّ يصيبهم من المصائب، ويفوتهم من المواهب.

.تفسير الآية رقم (29):

{يَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ (29)}
أهلُ السمواتِ يسألون أبداً المغفرة، وأهل الأرض يسألونه الرزق والمغفرَة، أي لابد لأحدٍ منه (سبحانه).
وفي السموات والأرض مَنْ لا يسأله: وهم مَنْ قيل فيهم: «مَنْ شَغَلَه ذِكْري عن مسألتي أعطيته أفضلَ ما أُعطي السائلين».
ويقال: ليس كلُّ مَنْ في السمواتِ والأرض يسألونه مِمَّا في السموات والأرض ولكن:
بين المحبين سِرُّ ليس يُغْشيه ** قَوْلٌ ولا قَلَمٌ للخَلْق يحكيه

{كُلَّ يَومٍ هُوَ في شَأْنٍ} مِنْ إحياء وإماتة، وقبض قوم وبَسْطِ قومٍ.... وغير ذلك من فنون أقسام المخلوقات، وما يُجْريه عليها من اختلاف الصفات.
وفي الآية ردُّ على اليهود حيث قالوا: إنَّ اللَّهَ يستريح يومَ السبت لا يفعل شيئاً، فأخبر أنه كل يوم هو في شأن، ولو أُخْلِيَ العالَم لحظةً من حِفْظِه لتلاشى وبَطُلَ.
(ومن شأنه أن يغفرَ ذنباً، ويَسْتُرَ عيباً، ويُذْهِبَ كرباً)، ويُطَيِّبُ قلباً، ويُقْصِي عَبْداً ويُدْنِي عبداً... إلى غير ذلك من فنون الأفعال. وله مع عباده كلَّ ساعَةٍ بِرٌّ جديدٌ، وسِرٌّ بينه وبين عبده- عن البقاء- بعيد.
ويقال: كل يوم هو في شأنِ سَوْقِ المقادير إلى أوقاتها.
ويقال: كل يوم هو في شأنِ إظهارِ مستورٍ وسَتْرِ ظاهرٍ، وإحضارِ غائبٍ وتغييبِ حاضرٍ.

.تفسير الآية رقم (31):

{سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَا الثَّقَلَانِ (31)}
أي للحساب يومَ القيامة- وليس به اشتغالٌ.... تعالى اللَّهُ عن ذلك.
ومعنىلآية: سنقصد لحسابكم.

.تفسير الآية رقم (33):

{يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لَا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ (33)}
أقطارُ السمواتِ والأرضِ نواحيها. أي إِنْ قدرتم أن تخرجوا من مُلْكِه فاخرجوا.
ثم قال: {لاَ تَنفُذُونَ إلاَّ بِسُلْطَانٍ}. أي لا تَصِلون إلى موضع إلاَّ وهنا سلطاني ومُلْكي ولا تنفذون في قُطْرٍ إلا وهناك عليكم حجة.

.تفسير الآية رقم (35):

{يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِنْ نَارٍ وَنُحَاسٌ فَلَا تَنْتَصِرَانِ (35)}
أي فلا تنتقمان. والشواظُ: اللَّهَبُ من النار لا دخانَ معه. والنحاس: الصُّفْرُ المذاب.

.تفسير الآية رقم (37):

{فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ (37)}
ينفكُّ بعضها عن بعض وتصير في لون الورد الأحمر. ويقال: بها الفُرُش الموردة كالدهان وهو جمع دهن. أي كدهن الزيت وهو دردي الزيت.
ويقال: كما أن الوردة يتلوَّن لونُها؛ إذ تكون في الربيع إلى الصُّفْرة، فإذا اشتدت الوردة كانت حمراء، وبعد ذلك إلى الغبرة فكذلك حالُ السماء تتلون من وصفٍ إلى وصفٍ في القيامة.

.تفسير الآية رقم (39):

{فَيَوْمَئِذٍ لَا يُسْأَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلَا جَانٌّ (39)}
أراد في بعض أحوال القيامة لا يُسألون، ويُسْأَلون في البعض.... فيومُ القيامة طوِيلٌ.
ويقال: لمَّا كانت لهم يومئدٍ علامات: فللكفارِ سوادُ الوجه وزُرْقَةُ العين، وللمسلمين بياض الوجه وغير ذلك من العلامات فالملائكة لا يحتاجون إلى سؤالهم: من أنتم؟ لأنهم يعرفون كُلاًّ بسيماهم.
ويقال: لا يُسْأَلون سؤالاً يكون لهم ويُسْأَلون سؤالاً يكون عليهم.

.تفسير الآية رقم (41):

{يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّوَاصِي وَالْأَقْدَامِ (41)}
المؤمنون غُرٌّ مُحَجَّلُون، والكفَّارُ سود الوجوهِ زُرْقُ العيون، فيعرف الملائكة هؤلاء فيأخذون بنواصيهم ويَجُرُّونهم مرة ومرةً بأقدامهم ثم يلقونُهم في النار، ويطرحونهم في جهنم:

.تفسير الآيات (43- 44):

{هَذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي يُكَذِّبُ بِهَا الْمُجْرِمُونَ (43) يَطُوفُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَمِيمٍ آَنٍ (44)}
يقال لهم: هذه جهنم التي كنتم بها تكذبون!
{حَمِيمٍ}: ماءٌ حارٌّ. {ءَانٍ} تناهى في النضج.

.تفسير الآية رقم (46):

{وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ (46)}
يقال: لِمَنْ خاف قُرْبَ ربِّه منه واطلاعه عليه.
ويقال: لمن خالف وقوفَه غداً بين يدي الله- جنتان، ولفظة التثنية هنا على العادة في قولهم: خليليَّ ونحوه.
وقيل: بل جنتان على الحقيقة، ومُعَجَّلة في الدنيا من حلاوة الطاعة وروح الوقت، ومؤجَّلة في الآخرة وهي جنة الثواب. ثم هم مختلفون في جنات الدنيا على مقادير أحوالهم كما يختلفون في الآخرة على حسب درجاتهم.

.تفسير الآيات (48- 50):

{ذَوَاتَا أَفْنَانٍ (48) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (49) فِيهِمَا عَيْنَانِ تَجْرِيَانِ (50)}
دلَّ على أن الجنتين في الآخرة. والأفنانِ الأغصان. وهي جمع فنن.
ويقال: ذواتا ألوانٍ من كلِّ صنفٍ ولونٍ تشتهيه النَّفْسُ والعينُ- وتكون جمع فن. {فِيهِمَا عَيْنَانِ تَجْرِيَانِ} إحداهما التنسيم، والاخرى السلسبيل.
ويقال: عينان تجريان غداً لمن كان له- اليومَ- عينان تجريان بالدموع.

.تفسير الآية رقم (52):

{فِيهِمَا مِنْ كُلِّ فَاكِهَةٍ زَوْجَانِ (52)}
زوجان أي صِنْفان وضَرْبان؛ كالرطب واليابس، والعنب والزبيب.
ويقال: إنها في نهاية الحسن والجودة.

.تفسير الآية رقم (54):

{مُتَّكِئِينَ عَلَى فُرُشٍ بَطَائِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دَانٍ (54)}
بطائنها من استبرق فكيف بظهائرها؟ والبطائن: ما يلي الأرض. والاستبرق: الديباج الغليظ. وإنما خاطَبَهم على قَدْرِ فَهْمِهم؛ إذا يقال إنه ليس في الجنة شيء مما يُشْبِه ما في الدنيا، وإنما الخطاب مع الناس على قَدْرِ أفهامهم.
{وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دَانٍ}: أي ما يجتنى من ثمَرها- إذا أرادوه- دنا إلى أفواههم فتناولوه من غير مَشَقَّةٍ تنالهم. وفي الخبر المسند: «مَنْ قال سبحان الله والحمد الله ولا إله إلأ الله والله أكبر غَرَسَ الله له شجرةً في الجنة أصلها الذهب وفرعها الدر وطلعها كثدي الأبكار ألين من الزبد وأحلى من العسل، كلما أخذ منها شيئاً عاد كما كان»- وذلك قوله: {ودنا الجنتين دان}.
ويقال: ينالها القائم والقاعد والنائم.

.تفسير الآية رقم (56):

{فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ (56)}
أي في الجنان حورٌ قَصَرٍن عيونَهن عن غير أزواجهن.
وإذا كانت الزوجاتُ قاصراتِ الطَّرْفِ عن غير أزواجهن فأَوْلى بالعبد إذ رجا لقاءَه- سبحانه- أن يقصر طَرْفَه وَيَغُضَّه عن غير مُبَاحٍ.
بل عن الكُلِّ.......إلى أن يلقاه.
ويقال: من الأولياء مَنْ لا يَنْظُرُ إليهن- وإنْ أُبيح له ذلك لتحرُّره عن الشهوات، ولعلوِّ همته عن المخلوقات- وأنشدوا:
جِنِنَّا بَليْلَى وهي جُنَّتْ بغيرنا ** وأخرى بنا مجنونة لا نريدها

ويقال: هُنَّ لمن قصرت يدُه عن الحرام والشبهة، وطرفُه عن الرِّيَبِ.
{لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنسٌ قَبْلَهُمْ وَلاَ جَآنٌّ}: لم يصحبهن غيرُ الوليّ ولم يَحْزُنَ غيرَه، وفي الخبر: «اشتاقت الجنة لثلاثة».

.تفسير الآية رقم (58):

{كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ (58)}
أي: في صفاء الياقوت ولون المرجان.

.تفسير الآية رقم (60):

{هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ (60)}
يقال: الإحسانُ الأول من الله والثاني من العبد؛ أي: هل جزاء مَنْ أحسنَّا إليه بالنصرة إلاَّ أن يُحْسِن لنا بالخدمة؟ وهل جزاء مَنْ أحسنَّا إليه بالولاء إلا أن يحسن لنا بالوفاء؟
ويصح أن يكون الإحسانُ الأول من العبد والثاني من الله؛ أي: هل جزاء من أحسن من حيث الطاعة إلا أن يُحْسَنَ إليه من حيث القبول والثواب؟
وهل جزاء من احسن من حيث الخدمة إلا أن يُحْسَنَ إليه من حيث النعمة؟
ويصح أن يكون الإحسانان من الحقِّ؛ أي: هل جزاء مَنْ أحسنَّا إليه في الابتداء إلا أن نُحْسِنَ إليه في الانتهاء؟ وهل جزاء مَنْ فاتحناه باللُّطف إلا أن نُرْبِيَ له في الفضل والعطف؟
ويصحُّ أن يكون كلاهما من العبد؛ أي: هل جزاء من آمن بنا إلاَّ أَن يَثْبت في المستقبل على إيمانه؛ وهل جزاء مَنْ عَقَد معنا عقد الوفاء إلا أَنْ يقوم بما يقتضيه بالتفصيل؟
ويقال: هل جزاء مَنْ بَعُدَ عن نَفْسِه إلاَّ أَنْ نُقَرِّبَه مِنَّا؟
وهل جزاء مَنْ فَنِيَ عَنْ نَفْسِه إلاَّ أَنْ يبقى بنا؟
وهل جزاء مَنْ رَفَعَ لنا خطوة إلاَّ أَن نكافِئِه بكل خطوة ألف حظْوَة، وهل جزاء من حفظ لنا طَرْفَه إلا أن نُكْرِمَه بلقائنا؟.

.تفسير الآية رقم (62):

{وَمِنْ دُونِهِمَا جَنَّتَانِ (62)}
هما جنتان غير هاتين اللتين ذُكِرَتا؛ جنتان أُخْرَيان. وليس يريد دونهما في الفضل، لكن يريد {جَنَّتَانِ} سواهما.

.تفسير الآية رقم (64):

{مُدْهَامَّتَانِ (64)}
أي: خضروان خُضْرةً تضرب إلى السواد. فالدهمة السواد والفعل منه ادهامَّ والاسم منه مُدْهامٌّ. وللمؤنث مدهامَّة. ولتثنية المؤنث مدهامتان.